المرض النفسي هو مآلُ شحنات متمادية من الهموم التي تتحول الى معاناة لا قدرة لحاملها لمزيد من الصبر عليها، فتصبح هذه المعاناة على تماس مباشر مع عتبة الإنفجار الذي يأخذ أشكالاً متعددة تبعاً للتراكمات المتجمعة بدءاً من قاع البئر ووصولاً الى حافته. إن خط السير الذي تسلكه المعاناة غير مباشر وغير واضح المعالم. إنه أشبه بمتاهات تضيع فيها النفس وينحبس فيها الجسد وتنطلق فيها عمليات إنتاج المرض النفسي بلا حدود ولا قيود. إنها لعبة عبثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إلا أنه عبث ردة العل على تراكمات قاع البئر بما يسمح بتشبيه مسار النفس المهمومة والمريضة بمتاهةٍ معقدةٍ من الصعب تلمس مستقرها ومآلها العلاقة بين المريض النفسي ومعالجه لا بد من أن تكون محكومة بضوابط دقيقة وقاسية: هي ضوابط المتكلم عن معاناته والمستمع لمداورة الكلام، كيف تتم الترجمة الفورية لهُوام المتكلم دون أن يقع المستمع في شراك نزوات ورموز الكلام المرسل؟ العلاج النفسي النسقي هو الذي يتيح إمكانية تلمس معادلات منطق إنتاج المرض النفسي على قاعدة أن معادلات الإرسال ليست هي نفسها معادلات الإستقبال ما هي ضوابط الترجمة الفورية لعملية الإتصال العلاجي؟ هذا هو هدف كتاب "متاهات لنفس وضوابط علاجها".