وهكذا دار مجمل شعره حول الفخر الذاتي والجماعي مرتكزاً على وصف تألقه في القتال ومواجهة الأبطال وافتتانه في الكر والفر، معدداً غاراته على أعدائه من القبائل اليمينة وذاكراً الأيام التي شهدها، ومنها يوم الرحرحان ويوم شعب جبلة ويوم فيف الريح. ويتميز أسلوبه بالصياغة المحكمة ومتانة التركيب والإيقاعات القوية وتلاحم العبارات. ونحن نتلمس في هذا الشعر واقع الشاعر وصورة البيئة والمجتمع الجاهليين.

أما ديوان عامر بن الطفيل الذي بين أيدينا الذي نقدمه لأبناء الضاد ومحبيها والمهتمين بتراثها الشعري فهو برواية أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري نقلاً عن "ثعلب" أبي العباس أحمد بن يحيى. والبارز في هذه الطبعة الجديدة- بالإضافة إلى ترتيب قصائد الديوان تبعاً لترتيب الأحرف الهجائية، والعناية بضبط القصائد بالشكل التام والتعريف بما تيسر من المناسباتها التي نصت عليها المصادر القديمة والمراجع التي استندت إليها مع تجنب الوقوع في ازدواجية الشرح، بين صنعة القدماء والمحدثين الذين استندوا إلى مأثور تلك الصنعة، لما في مثل هذه الازدواجية من سلبيات لعل أبرزها الإطالة، والمكرور من الشروح، وما في هذا وذاك من الإملال والبعد عن الدقة وانعدام البيان الجازم.

هكذا جاء شرح هذا الديوان جامعاً للقديم الأصيل والجديد البين، القريب المتناول على السواء، وفي إطار من التلاؤم بين وحدة المعيار في فهم المضامين والمعاني، وتوحيد الأسلوب والأداء