مع ذلك فما كان يراودني لم يكن حلما . أحيانا وأنا أذرع الشارع تباغتني هذه الكلمات كما لو أنها كلمات شخص آخر ، كلمات جوفاء باردة . على مسرح الذاكرة تطفو وجوه وتفاصيل . طوى الزمن كل من أعرفهم وما عاد هناك من أبادله أطراف الحديث . لا بد أن يكون هناك شاهدان أو ثلاثة على قيد الحياة . لكن يقينا لا أظن أنهم سيذكرون أي شيء . وبالتالي ينتهي بنا المطاف للتساؤل إذا ما كان هنالك حقا أي شهود .
كلا ، ما كان يراودني لم يكن حلما ، والدليل على ذلك أنني لا زلت أحتفظ بمذكرة سوداء تمتلئ صفحاتها بالملاحظات . لتبديد هذا الغموض ، أحتاج إلى كلمات محددة وهكذا أستعين بالقاموس . ملاحظة : إشارة مقتضبة يدونها المرء لتذكر شيء ما . على صفحات الدفتر نتوالى الأسماء ، وأرقام الهواتف ، وتواريخ المواعيد ، وكذلك بعض النصوص القصيرة التي قد تكون لها علاقة ما بالأدب . لكن في أي لون يمكن تصنيفها ؟ مذكرات شخصية ؟ شذرات من الذاكرة ؟ ناهيك عن المئات من الإعلانات الصغيرة التي كنت قد نقلتها إلى صفحات المذكرة والتي كانت قد صدرت في صحف . كلاب . ضالة . شقق مؤثثة . طلبات وعروض عمل . عرافات .
ضمن هذه الأكداس من الخواطر ، ثمة ملاحظات تتميز بنبرة أكثر قوة من الأخريات . خصوصا إذا لم يكن هناك ما يخدش جدار الصمت . ما عاد الهاتف يرن منذ مدة . كما أن لا أحد سيطرق الباب ، لا بد أنهم ظنوا أنني قضيت . أنت ويد ، تتوخى الحذر ، كما لو أنك تريد التقاط رموز جهاز مورس يبعث لك بها مراسل مجهول من مكان قصي . بطبيعة الحال ، العديد من هذه الرموز مشوشة ، ويجدر بك أن ترهف السمع حتى لا تفقدها إلى الأبد . لكن بعض الأسماء تنفصل بوضو في الصمت وعلى الصفة البيضاء ...
Translated to Arabic from French 'L'Herbe des nuits', in English called 'The Black Notebook', by French novelist Patrick Modiano (b. 1945), recipient of the 2014 Nobel Prize in Literature.
كلا ، ما كان يراودني لم يكن حلما ، والدليل على ذلك أنني لا زلت أحتفظ بمذكرة سوداء تمتلئ صفحاتها بالملاحظات . لتبديد هذا الغموض ، أحتاج إلى كلمات محددة وهكذا أستعين بالقاموس . ملاحظة : إشارة مقتضبة يدونها المرء لتذكر شيء ما . على صفحات الدفتر نتوالى الأسماء ، وأرقام الهواتف ، وتواريخ المواعيد ، وكذلك بعض النصوص القصيرة التي قد تكون لها علاقة ما بالأدب . لكن في أي لون يمكن تصنيفها ؟ مذكرات شخصية ؟ شذرات من الذاكرة ؟ ناهيك عن المئات من الإعلانات الصغيرة التي كنت قد نقلتها إلى صفحات المذكرة والتي كانت قد صدرت في صحف . كلاب . ضالة . شقق مؤثثة . طلبات وعروض عمل . عرافات .
ضمن هذه الأكداس من الخواطر ، ثمة ملاحظات تتميز بنبرة أكثر قوة من الأخريات . خصوصا إذا لم يكن هناك ما يخدش جدار الصمت . ما عاد الهاتف يرن منذ مدة . كما أن لا أحد سيطرق الباب ، لا بد أنهم ظنوا أنني قضيت . أنت ويد ، تتوخى الحذر ، كما لو أنك تريد التقاط رموز جهاز مورس يبعث لك بها مراسل مجهول من مكان قصي . بطبيعة الحال ، العديد من هذه الرموز مشوشة ، ويجدر بك أن ترهف السمع حتى لا تفقدها إلى الأبد . لكن بعض الأسماء تنفصل بوضو في الصمت وعلى الصفة البيضاء ...