Ta'addiyah al-Diniyyah fi Falsafat John Hicks التعددية الدينية في فلسفة جون هيك
By: Kansoh, Wajih وجيه قانصوLanguage: Arabic
Softcover
select image to view/enlarge/scroll
Shop With Security
Visit us on Social Media
Bringing you the best selections in partnership with Dar al-Kitab al-Arabi USA Visit alkitab.com
التعددية الدينية واقع موضوعي تم جهله وتجاهله، لأننا استغرقنا في ذاتنا ولم نع أن هنالك آخر يملك نصيباً متساوياً في الحقيقة التي أملكها أو أدعيها. وقد بين الاحتكاك القريب واليومي مع أتباع الأديان في العالم، أن هذه الأديان ليست ثمرة خطيئة أو فعلاً تاريخياً عارضاً، بل هي مشهد أصيل بذات أصالة المجتمعات الإنسانية. فكما أن التاريخ الإنساني عبارة عن سياقات متداخلة لتمفصلات وتمظهرات إنسانية متعددة ومتنوعة، كذلك فإن تاريخ العلاقة مع الله هو تاريخ تيارات روحية ودعوات ونبوءات وبشارات وتجارب شخصية وجماعية، تهب كل مجتمع نصيبه من الشعور بالقداسة، وحظه من الاستقامة واستحقاقه للخلاص أو التحرر، وقدره من الوعي بحقيقة المتعالي أو المطلق. التعددية الدينية حقيقة موضوعية قائمة متحققة بأشكال متعددة، لا تقل واقعيتها عن واقعية أية ظاهرة إنسانية بديهية أو عن أي معطى عقلي أو حسي لا نتكلف عناء إثباته. أصبحت بداهة التعددية الدينية بمستوى بداهة تعدد المجتمعات وتنوع الثقافات واختلاف اللغات.
التلازم بين تعدد الأديان وتعدد المجتمعات، دليل على أن الدين ليس شيئاً يضاف إلى المجتمع من خارجه، بل هو مؤسسة من مؤسساته ومكون من مكوناته التاريخية. فالبعد الغيبي في الدين لا يعني وقفية حقائقه واحتجابه وتعاليه على الواقع الإنساني، بل كان الدين دائماً في حالة تمظهر واندماج وتكيف داخل الأطر الاجتماعية والبنى الثقافية ونظم التعبير اللغوي والسيميائي. أي ليس الدين فقط تراث النبي المؤسس أو نص الوحي الذي نتلقاه كمؤمنين بهيبة وإجلاء، بل هو أبضاً حصيلة التمأسس التاريخي للدعوة الدينية التي تحصل بعد رحيل المؤسس، حيث انتقل الدين من حالة وعي وجداني والتزام عفوي بتعاليم المؤسس، إلى حالة منظمة ومعقلنة للوعي، تحتوي على مجموعة عقائد مشتركة ومبادئ تشريعية وسلوكية وممارسات عبادية جامعة، وتتضمن أطراً في تنظيم العلاقة بين المؤمنين.